بقلم : محمد عادل حبيب
التجريف الثقافي للشعوب هو أول مراحل السيطرة على هذه الشعوب
ولم يعد هذا الأمر قاصرا على القوى الخارجية ، لكن أغلب قيادات العالم الثالث في هذا الزمان تعلموا الدرس وأصبح النجريف طريقهم للسيطرة على شعوبهم ، ويعد هذا مسلكا جديدا على هذه الشعوب التي كانت تحكم حتى وقت قريب بقيادات تتمتع بقدر يحترم من الوطنية وترفع لواء مقاومة المستعمر وتحريرالبلاد كأهم ركائز تستميل بها شعوبها.
ولأن رغبة هؤلاء الحكام في السيطرة قد وافقت رغبة المستعمر فقد كان لا بد من تجسيد هذا التوافق في إطار تعاوني بين الطرفين يحقق الهدف المشترك ، ولزم لذلك توزيع الأدوار واقتسام النتائج ، فكان على الطرف الأضعف وهو نظام الحكم أن يتحمل العبء الأكبر في التنفيذ وهو مواجهة شعبه وتنفيذ مخططات التجريف في مقابل تغاضي الطرف الخارجي عن فساد هؤلاء الحكام دوليا ، وكل ما يتحمله الشريك الخارجي هو فقط عملية التغاضي عن الفساد بالإضافة إلى إمداد الطبقات الحاكمة ببعض مقومات حياتها ماديا وأمنيا مقابل السيطرة الكاملة على دفة توجيه السياستين الداخلية والخارجية من وراء الستار غالبا .
أما المواطن المسكين فإنه يدور بين فكي الرحى مطحونا بلا حقوق .
ويمرالتجريف الثقافي ببعض المراحل
أولها : عمليات الإلهاء والإشغال بمفاتن الدنيا الرخيصة وأهمها المخدرات والنساء ، حتى ينغمس فيها المواطن انغماسا كاملا ، ويكون عندئذ قابلا للتعامل.
ثانيها : مرحلة ما بعد الانغماس تعتمد على غرس مفاهيم جديدة بديلة تكون قريبة من الثقافة الممحاة لفظا ببريقها ، ومعاكسة لها تماما حقيقة في المحتوى . فيتحدث الضحية بحماس مؤيدا لمواقف وآراء هو نفسه كان يعتبرها بالأمس مخالفة لكل قيمه وأخلاقياته ، مثل أن تدافع المرأة ولا يعترض أولي أمرها عن لبس المرأة مثلا لما يسمى بالميكروجيب أو الميني جيب تحت شعارات براقة مثل حقوق المرأة أو الحداثة والمدنية .
ثالثها : عندما يصل الضحية إلى مرحلة الدفاع عن الباطل يكون قد وصل إلى المرحلة المطلوبة التي تسمح باقتياده نحو أهداف أخرى أكبر لغرس عقائد جديدة في داخله تختلف تماما عن ثوابته التي كان عليها فيما مضى ، لأنه يكون قد وصل بالفعل إلى مرحلة الفصل التام بين ماضيه وحاضره ،
وبالطبع فإن هذه السياسة لا تؤثر في الجمبع بنفس الدرجة ، فالبعض يتأثر سريعا بينما يطول الأمر مع البعض الآخر ، لكنهم بكل أسف يكسبون مع الوقت أرضا جديدة في كل يوم في مجتمعاتنا بسبب تخلي المثقفين عن دورهم لصالح أجهزة إعلام فاسدة .